سورة الجاثية - تفسير تفسير ابن جزي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الجاثية)


        


{وَخَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ وَلِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ (22)}
{ولتجزى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ} معطوف على قوله بالحق، لأن فيه معنى التعليل، أو على تعليل محذوف تقديره: خلق الله السموات والأرض ليدل بهما على قدرته ولتجزي كل نفس بما كسبت.


{أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ (23) وَقَالُوا مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ وَمَا لَهُمْ بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ (24) وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ مَا كَانَ حُجَّتَهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا ائْتُوا بِآبَائِنَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (25) قُلِ اللَّهُ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يَجْمَعُكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَا رَيْبَ فِيهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (26)}
{اتخذ إلهه هَوَاهُ} أي أطاعه حتى صار له كالإله {وَأَضَلَّهُ الله على عِلْمٍ} أي علم من الله سابق، وقيل: على علم من هذا الضال بأنه على ضلال، ولكنه يتبع الضلال معاندة {وَخَتَمَ} ذكر في [البقرة: 7] {فَمَن يَهْدِيهِ مِن بَعْدِ الله} قال ابن عطية: فيه حذف مضاف تقديره: من بعد إضلال الله إياه، ويحتمل أن يريد؛ فمن يهديه غيره الله {وَقَالُواْ} الضمير لمن اتخذ إلهه هواه أو لقريش {نَمُوتُ وَنَحْيَا} فيه أربع تأويلات: أحدها أنهم أرادوا يموت قوم ويحيا قوم، والآخر نموت نحن ويحيا أولادنا، الثالث نموت حين كنا عدماً أو نطفاً، ونحيا في الدنيا، والرابع نموت الموت المعروف، ونحيا قبله في الدنيا فوقع في اللفظ تقديم وتأخير، ومقصودهم على كل وجه إنكار الآخرة، ويظهر أنهم كانوا على مذهب الدهرية لقولهم: {وَمَا يُهْلِكُنَآ إِلاَّ الدهر}، فردّ الله عليهم بقوله: {وَمَا لَهُمْ بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ} الآية {قَالُواْ ائتوا بِآبَآئِنَآ} ذكر في [الدخان: 36] {قُلِ الله يُحْيِيكُمْ} الآية: ردّ على المنكرين للحشر والاستدلال على وقوعه بقدرة الله تعالى على الإحياء والإماتة.


{وَتَرَى كُلَّ أُمَّةٍ جَاثِيَةً كُلُّ أُمَّةٍ تُدْعَى إِلَى كِتَابِهَا الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (28) هَذَا كِتَابُنَا يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (29)}
{وترى كُلَّ أُمَّةٍ جَاثِيَةً} أي تجثو على الركب، وتلك هيئة الخائف الذليل {كُلُّ أمَّةٍ تدعى إلى كِتَابِهَا اليوم} أي إلى صحائف أعمالها، وقيل: الكتاب المنزل عليها، والأول أرجح لقوله: {هذا كِتَابُنَا يَنطِقُ عَلَيْكُم بالحق} الآية: فإن قيل: كيف أضاف الكتاب تارة إليهم وتارة إلى الله تعالى؟ فالجواب: أنه أضافه إليهم لأن أعمالهم ثابتة فيه، وأضافه إلى الله تعالى لأنه مالكه، وأنه هو الذي أمر الملائكة أن يكتبوه {إِنَّا كُنَّا نَسْتَنسِخُ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ} أي نأمر الملائكة الحافظين بكتب أعمالكم، وقيل: إن الله يأمر الحفظة أن تنسخ أعمال العباد من اللوح المحفوظ، ثم يمسكونه عندهم فتأتي أفعال العباد على ذلك فتكتبها الملائكة، فذلك هو الاستنساخ وكان ابن عباس يحتج على ذلك بأن يقول: لا يكون الاستنساخ إلا من أصل.

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6